You may also like
Page 1 of 5
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أيها السادة الأئمة الفضلاء.
نقدم الحديث باقتضاب عن المذهب المالكي وبعده عن بعض أعلامه في الأصول فنقول: “المذهب” اسم لموضع الذهاب لا لزمانه، فليس مصدرا ميميا بمعنى الذهاب، إذ المراد هنا الرأي الاجتهادي الاستنباطي الذي يذهب إليه الإمام، فهو اسم لمكان الذهاب، أي الرأي الذي ذهب إليه إمام ما.
قال العلامة الصاوي المالكي: “والمراد منه هنا ما ذهب إليه مالك من الأحكام التى ذهب إليها واعتقدها بطريق يوصل إلى المقصود، واستعار اسم المشبه به للمشبه على طريق الاستعارة التصريحية الأصلية، والجامع بينهما التوصل للمقصود فى كل([1]).”
لكن الأحكام المشار إليها هنا الأحكام الاجتهادية، وهي إما اجتهادية في فهم النص، أو اجتهادية فيما لا نص فيه؛ فلا يقال: مذهب مالك وجوب الصلاة، ولا مذهب مالك وجوب الزكاة؛ لأن هذه من الأحكام القطعية المجمع عليها.
كما أن المذهب يضاف إليه ما استنبطه أصحابه، وسائر مجتهدي المذهب؛ بناء على أصوله، ومنهجه في الاستنباط.
ولذلك قال العلامة العدوي: “المراد بمذهبه ما قاله هو وأَصحابه على طريقته ونسب إليه مذْهبا لكونه يجري على قَواعده وأصله الَّذي بني عليه مذهبه، وليس المراد ما ذهب إليه وحده دون غيره من أهل مذهبه([2]).”
من خصائص الإمام مالك رحمه الله:
إمامنا مالك رحمه الله خصه الله تعالى بمميزات منها:
ولذلك نرى أن مالكا رحمه الله بلغ درجة الاجتهاد بإجماع علماء عصره، كما أجمعوا على صلاحه بالتقوى والزهد والورع… فاجتمعت فيه كل الشروط التي أهلته لأن يؤخذ عنه ويقتدى به.
الإمام مالك شيخ الأئمة:
الإمام مالك له تلاميذ في كل الأقطار الكبرى التي وصل إليها الإسلام.
ومنها أنه شيخ المذاهب الفقهية، وهذا يدل على أن مذهبه منبع المذاهب، وذلك لأمرين:
ما عبر عنه في رسالته التاريخية إلى الليث ابن سعد _ رحمه الله _ بقوله رحمه الله: ” فإنما الناس تبع لأهل المدينة …”
وهذا يبين أن المدرسة المدنية أصل المدارس الفقهية ومنطلقها، وهو في زمانه أشهر الناس حفظا وفهما وتحصيلا لعلم المدرسة المدنية.
أنه ثبت فعلا أخذ أئمة المذاهب الفقهية عنه إما بالسماع أو بالواسطة على ما تجده مما يلي:
أبو حنيفة النعمان تلميذ الإمام مالك:
ممن أخذ عنه فقيه العراق إمام المدرسة الكوفية ووارث فقهها، الفقيه الكبير الإمام الأعظم أبو حنيفة النعمان ت(150هـ).
فقد ذكروا أحاديث رواها عن الإمام مالك، قال العلامة السيوطي في التزيين:
“وقد روى عن الإمام من هو أكبر سنا من الإمام أبى حنيفة، وأقدم وفاة كالزهري، وربيعة وهما من شيوخ مالك، فإذا روى عنه شيوخه فلا يستبعد عنه أن يروى عنه أبو حنيفة الذي هو من أقرانه، ورواية أبي حنيفة عن مالك ذكرها الدراقطني في كتاب الذبائح وابن خسرو البلخي في مسند أبي حنيفة، والخطيب البغدادي في كتاب الرواة عن مالك، وذكرها من المتأخرين الحافظ مغلطاي في نكته على علوم الحديث لابن الصلاح، والشيخ سراج الدين البلقيني في محاسن الاصطلاح.
وقال الشيخ بدر الدين الزركشي في نكته على ابن الصلاح: صنف الدراقطني جزءا من الأحاديث التي رواها أبو حنيفة، قال: وقال الحنفية: أجل من روى عن مالك أبو حنيفة([3]).”
الشافعي المطلبي:
كما اشتهر أخذ الإمام الشافعي عنه (204هـ)، وأخذ الإمام أحمد بن حنبل(241هـ) عن الشافعي، فأحمد تلميذ تلميذه.
قال العلامة محمد حبيب الله بن ما يابى الشنقيطي:
ومالك عنه الثلاثة رووا | وبعلومه تحلوا وارتووا |
فالشافعي لازمه طويلا | ولم يحد عن نهجه سبيلا |
إلى أن قال:
ثم أبو حنيفة الإمام | التابعي الحاذق القوام |
عنه روى والدارقطني ألفا | في ذاك تأليفا عليه اعتكفا |
إلى أن قال:
وذكر السيوطي في التزيين | عنه حديثين على التعيين |
أحد ذين عنه نقله جرى | عن نافع وذا عن ابن عمر([4]) |
من أعلام الأصوليين المالكية:
نشير هنا إلى أشهر الذين كتبوا في أصول الفقه، وإلا فالإمام مالك أرسى بمنهجه وآرائه في الموطأ درسا أصوليا ومنهجا في الاستدلال؛ محكما كما وضّح ذلك العلامة أبو بكر بن العربي المعافري في كتابه: القبس في شرح موطأ مالك بن أنس.
فمن الأصوليين المالكية([5]):
فاللهم اجمع الجوامع وامنع الموانع يا رب العالمين.
([1]) حاشية الصاوي على الشرح الصغير للدردير 1/ 12- 13
([2]) حاشية العدوي على شرح الخرشي الصغير لمختصر خليل 1/35 ط: دار الفكر بدون تاريخ.
([3]) راجع كتاب تزيين الممالك بمناقب مالك للحافظ الجلال السيوطي ص: 115 مع تعليقات المحقق.
([4]) يراجع دليل السالك إلى موطأ الإمام مالك بشرحه إضاءة الحالك ص: 107 ــ 108
([5]) تراجع المؤلفات التي عنيت بالدراسات التقويمية لهذه الكتب تأثرا وتأثيرا.
At vero eos et accusamus et iusto odio digni goikussimos ducimus qui to bonfo blanditiis praese. Ntium voluum deleniti atque.